منتديات العداله الالهيه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات العداله الالهيه

عوده زمن عزه الاسلام
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا.
(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) (المائدة Cool

 

  العدل في القرأن الكريم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
eb
Admin
eb


المساهمات : 108
تاريخ التسجيل : 19/10/2013

 العدل في القرأن الكريم  Empty
مُساهمةموضوع: العدل في القرأن الكريم     العدل في القرأن الكريم  I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 25, 2013 11:48 am


العدل :
هذه الحروف الثلاثة ( ع ، د ، ل ) الخفيفة على اللسان ، لها مدلول كبير ، ومعان كثيرة ، وميزانها ثقيل ، وتطبيقها أثقل .
فالعَدْل ـ بفتح العين ـ في اللغة هو : الانصاف ، وإعطاء لما لَهُ ، وأخذ ما عليه ، ويقال : رجل عدل ، وامرأة عدلة ، وجاء بمعنى : المثل والنظير ، والجزاء ، والفداء ، وجمعه : أعدال .
والعِدل ـ بكسر العين ـ المثل والنظير ، ونصف الحمل يكون على أحد جنبي البعير ، والجُوالق ، وجمعه : أعدال ، وعدُول ، ومنه هو توسط حالين في كمّ ، أو كيف .
يقول أبو البقاء : ( والعدالة لغة الاستقامة ، وفي الشريعة : عبارة عن الاستقامة على الطريق الحق بالاختيار عما هو محظور ديناً )[2] .
والعديل : المثل والنظير ، وعديل الرجل : زوج أخت ارماته ، وجمعه : أعدال ، وعدلاء ، والعديلتان : الغرارتان ، لأن كل واحدة منهما تعادل الأخرى[3] .
وقد فرق بعض اللغويين بين العَدل ـ بالفتح ، والعِدل ـ بالكسر ـ فقالوا : إنه بالكسر : ما يدرك بالحواس ، وبالفتح : ما يدرك بالعقل والبصيرة ، والموزونات والمعدودات[4] .
والتحقيق أن القرآن الكريم استعمل " العدل " في مقابل الظلم والبغي والجور ، واستعمله كذلك في مقابل الفسق والفجور ، ومن هنا استعمله الفقهاء في هذين المعنيين :
أحدهما : العدل في الحكم والعلاقات ، وهو بهذا المعنى يتعدى معناه إلى الغير ، فيقال : عدل بين الناس، أو بين النساء ، أو عدل في أمرهم أو نحو ذلك ، فالعدل بهذا المعنى صفة له علاقة بذات الشخص ولكن تتجاوز آثاره إلى الغير .
ثانيهما : العدالة الذاتية ، بان يكون المتصف بها مستقيماً غير فاسق وفاجر ، وبهذا المعنى يستعملها الفقهاء في باب الشهادات ونحوها .
 
ونحن في هذه الدراسة نتحدث عن المعنى الأول الذي ركز عليه القرآن الكريم ، وهو الذي يُرجع إليه لدى التحقيق في كل معانيه ، وهو تحقيق التوازن بين ما للإنسان من حقوق فتعطى له ، وما عليه من واجبات فتؤخذ منه .
وهذا هو معناه الاصطلاحي الذي نزلت الشرائع كلها لتحقيقه ، بل عليه قامت السموات والأرض كما سيأتي  شرح ذلك .
 
" العدل " في القرآن الكريم :

أولى القرآن الكريم عناية منقطعة النظير بالعدل ، فأوجبه وجوباً مطلقاً ، وأمر بتحقيقه في الأقوال والأفعال ، والتصرفات ، والحكم والفطرة والتقييم والشهادة والعلاقات ، وتكررت كلمة " العدل " ومشتقاته ثمان وعشرين مرة[5] .
فالعدل جاءت به الرسالات السماوية أناطت تحقيقها بالرسل والأنبياء عليه السلام ، فقال تعالى : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ )[6]  ويقول تعالى على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم : ( وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ )[7] وقال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً)[8]  وقال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[9] ، قال الراغب الأصفهاني : ( العدل هو : المساواة في المكافأة إن خيراًً فخير ، وإن شراً فشر ، والاحسان أن يقابل الخير بأكثر منه ، والشر بأقل منه )[10] أو بالاحسان كما قال تعالى : ( وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)[11]  أي ادفع السيئة بالأحسن .
وقد جعل الله تعالى العدل دليلاً على التقوى فقال تعالى : (...... اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[12] .
 
ومع أن العدل عام وشامل أمر الله تعالى به دون تقييد ، ولكنه تعالى خصص بعض الأشياء بمزيد من التأكيد ، منها :
1-   العدل في الحكم بين الناس فقال تعالى : (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ)[13] بل حعل الله تعالى الغاية من إنزال الكتب وإرسال الرسل : تحقيق العدل بين الناس ، فقال تعالى : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ )[14]  أي العدل ، حتى إن جمهور الفقهاء ـ ما عدا بعض الحنفية ـ ذهبوا إلى اشتراط كون الإمام الأعظم ( الخليفة ) عدلاً ، فلا تنعقد إمامة الظالم ، بل ذهبوا إلى أنه يعزل بالظلم البين[15] .
2-   العدل بين النساء فقال تعالى : ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً)[16] وقال تعالى :  ( وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً)[17] .
3-   العدل في القول والشهادة حتى ولو على النفس والأقارب فقال تعالى : ( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[18] .
 
والخلاصة أن العدل هو من أهم مبادئ الاسلام ، وهو الغاية في إرسال الرسل وإنزال الكتب ـ كما سبق ـ وهو المبدأ الذي لا يدخل فيه الاستثناء ، ولا يخضع للضرورات ، فإذا كانت الضرورات تبيح المحظورات فإن العدل يجب تطبيقه مع الأعداء والأصدقاء فقال تعالى : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[19] .
 
الكلمات ذات العلاقة بـ " العدل " :
 
وهناك بعض الكلمات التي لها علاقة بالعدل تكررت في القرآن الكريم ، منها القسط ، وهو العدل ، والمقسط الذي هو العادل ، ومنها الظلم الذي هو ضد العدل ، وكذلك الجور ، والبغي اللذان بمعنى الظلم ، وسنتحدث عنها بإيجاز شديد .
 
أ ـ القسط :
في اللغة : استعمل بمعنى العدل ، وبمعنى الجور ، وهو من الكلمات المشتركة[20] التي تستعمل في معنين متضادين ، بمعنى العدل في قوله تعالى: (  لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ )[21]   أي العدل ، وبمعنى الجور والظلم مثل قوله تعالى : ( وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً)[22] فالقاسطون هنا هم الظالمون بديل مقارنته بالمسلمين في الآية السابقة بالمسلمين : ( وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً)[23] .
في حين أن " أقسط " ومشتقاته في القرآن الكريم بمعنى " العدل " لأن الهزة كما يقول (علماء الصرف) للازالة[24] فمعنى أقسط أي زال عنه القسط الذي بمعنى الظلم  ، قال تعالى : (فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)[25] أي حققوا العدل في الحكم بينهم وأزيلوا الظلم الذي كان موجوداً ، أو سيوجد[26] .
وبذلك يصبح " الإقساط " مكملاً " للعدل " ، فالعدل هو الجانب الايجابي في الحكم ، وأما الإقساط فهو إزالة الظلم من جذوره ، وكل الأسباب التي أدت إلى المشكلة ، حتى لا يتكرر الظلم ، ، يقول الإمام الرازي في تفسير الآية السابقة : ( والإقساط : إزالة القسط وهو الجور ، والقاسط هو الجائر )[27] .
ويدل على هذا الفرق الذي ذكرته أن الآيات اللاحقة مباشرة تحدثت عن الأسباب التي تزيل المظالم بين المؤمنين فقال تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[28] حيث تضمنت هذه الآية خمسة أسباب مهمة لإزالة الظلم بين الناس ، وهي:
الأخُوّة الحقيقية التي تبنى على الإيمان الخالص لله تعالى ، وهذا يعني أن تعطى لهذه الاخوة من حقوق متساوية واستحقاقات متماثلة ، وان تُفَعّل هذه الأخوّة حتى تصل إلى مستوى الجسد الواحد .
تحقيق التصالح بين الأطراف من خلال التراضي التام إما برد الحقوق ، أو بالاعفاء والابراء .
وجود أشخاص ومؤسسات الحسبة والاصلاح الدائم بين الناس حتى لا ينزغ الشيطان بين القلوب ، وهذا بمثابة آليّة للحفاظ على ما تمّ من التصالح .
صفاء القلب واستشعاره دائماً بتقوى الله والخوف منه .
التعامل على أساس الرحمة التي : إن رحمت رحمك الله تعالى فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )[29] .
ومن الجدير بالاشارة إليه أن لفظ " القسط " قد تكرر في القرآن الكريم خمس عشرة مرة ، كملها بمعنى " العدل " [30] وورد بلفظ " أقسطوا " في آية واحدة ( سورة الحجرات ، الآية 9) وبلفظ " تقسطوا " في آيتين ( 3 النساء ، و8 الممتحنة ) وفي كل هذه الآيات بمعنى            " العدل "  أو " إزالة الجور وأسبابه " ، وبلفظ : " القاسطون " أي : الظالمون ، في آيتين (14و15 الجنّ) وبلفظ " أقسط " أي : أعدل في آيتين ( 282 البقرة ، و5 الأحزاب ) ، وبلفظ " المقسطين " أي : العادلين في ثلاث آيات ( 42 المائدة و9 الحجرات و8 الممتحنة) ، وبذلك يكون عدد المرات التي تكرر فيها القسط ومشتقاته خمساً وعشرين مرة .
 
ب ـ الظلم الذي ضد العدل ، حيث تكرر لفظ " الظلم " ومشتقاته في القرآن الكريم (289) مرة ، تحدث فيها القرآن الكريم عن خطورة الظلم وآثاره المدمرة على الأمم الماضية ، والحضارات السابقة ....الخ .
 
ج ـ البغي الذي هو الظلم وضد العدل ، حيث تكرر لفظ " البغي " ومشتقاته بمعنى الظلم عشر مرات[31] .
 
د ـ جائر بمعنى الظلم في آية واحدة وهي قوله تعالى : ( وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ)[32] .
 
 
الخلاصة :
 
ان القرآن الكريم أولى هذه العناية القصوى بتحقيق العدل ، وإزالة الظلم والبغي في أكثر من ثلاثمائة وخمسين آية ، إن دلّ على شيء فإنما يدل على أهمية العدل في حياة الفرد ، والأسرة والجماعة ، والأمة والدولة ، والحضارة والبناء والتعمير ، وأن التجارب والحقائق الواقعية والقصص القرآنية تدل بوضوح على أن هلاك الأمم ، وتدمير الحضارات ، وانتهاء الدول والمماليك كل ذلك بسبب الظلم بمعناه الشامل ، والبغي والعدوان فقال تعالى : ( هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ)[33] بل يقول الله تعالى بأسلوب الحصر : ( وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ)[34] .
وهذه الحقائق نشاهدها اليوم في عالمنا الاسلامي حيث إن مشكلته الكبرى هي المظالم الواقعة بين الحكام والشعوب ، ثم بين الشعوب بعضها البعض ، ثم بين أصحاب القوى المالية والسياسية والاجتماعية ، وبين المستضعفين ، ولن ينجو عالمنا الاسلامي إلاّ من خلال العدل الذي يعيد إليه كرامته ووحدته وتماسكه .
ولهذه الأهمية فسرّ النبي صلى الله عليه وسلم الوسط بالعدل في قوله تعالى : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً .... )[35] حيث روى أحمد والترمذي بسندهما عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (...... الوسط العدل ........ )[36] وفي رواية أخرى عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عزّ وجل : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً          وَسَطاً ....)[37] قال : ( عدلاً )[38] .
 
العدل والعادل من أسماء الله الحسنى ،،،،
في ضوء ما ذكره الإمام النورسي " رحمه الله "
 
أولى الإمام النورسي رحمه عناية بالغة بالعدل وتفسيره وآثاره ، وبكونه من أسماء الله الحسنى ، ونحن هنا نذكر الأدلة على أنه من أسماء الله الحسنى ، ثم نذكر ما أفاض به الإمام النورسي من أنوار واشراقات ، وإضاءات واضافات ، ثم نعقب على ذلك بتعقيبات وخواطر وتعليقات في حدود ما تمسح به طبيعة البحث .
 
كونه من أسماء الله الحسنى :
فقد روى الترمذي بسنده عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن لله تسعة وتسعون اسماً : مائة غير واحدة ، من أحصاها دخل الجنة ،،، هو الله الذي لا إله إلاّ هو الرحمن الرحيم ........ الحَكَم ، العَدْل اللطيف ، الخبير .....)[39] قال شراح الحديث : (العدل هو : الذي لا يميل به الهوى فيجور في الحكم ، وهو في الأصل مصدر سمى به ، فوضع موضع العادل وهو أبلغ منه ، لأنه جعل المسمى نفسه عدلاً )[40] .
هذا ما يتعلق بسرد أسماء الله الحسنى ، أما أصلها فثابت في القرآن الكريم في عدة آيات منها قوله تعالى : ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[41] وقوله تعالى : ( قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى .....)[42] وقوله تعالى : ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)[43]  وقوله تعالى : ( هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[44]  .
يقول القاضي أبوبكر في تفسير الآية الأولى : ( هذه آية عظيمة من الآي التي جمعت العقائد والأعمال .... ) ثم قال : ( حقيقة الاسم : كل لفظ جعل للدلالة على المعنى إن لم يكن مشتقاً ، فإن كان مشتقاً فليس باسم ، وإنما هو صفة ، هذا قول النحاة ) ثم عقب على ذلك بأننا في الشريعة لانحتاج إلى هذه التفرقة ( وأن الصحابة وعلماء الاسلام حيث عددوا الأسماء ذكروا المشتق ، والمضاف ، والمطلق في مساق واحد ، إجراءً على الأصل ونبذاً للقاعدة النحوية )[45] .
وقد ذكر المفسرون الخلاف في هذه الأسماء على ثلاثة أقوال:
حيث ذهب جماعة منهم إلى أنها أسماؤه التي فيها التعظيم والاكبار .
وذهب القول الثاني إلى أنها الأسماء التسعة والتسعون التي ورد فيها الحديث الصحيح[46] .
وذهب القول الثالث إلى أنها الأسماء التي دلت عليها أدلة الوحدانية ، وهي سبعة تترتب على الوجود ، وهي القادر العالم المريد الحي المتكلم السميع البصير ، حيث ان بقية الأسماء والصفات ترجع إلى هذه الأصول السبعة .
وقد رجح معظم العلماء المحققين القول الثاني ، قال ابن العربي  : ( لكن الصحيح عندي : أن المراد بها التسعة والتسعون التي عددها صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ) ثم قال : ( فإن قيل : هل إلى معرفتها سبيل ؟ قلنا : حلّق العلماء عليها ، وساروا إليها ، فمن جائر ، وقاصد ، فأما من وقف على الأمر فما عرفته إلاّ الاسفرايني ، فأسند طريقه ، ووضع تحقيقه .... ) ثم ذكر بأنه من خلال النظر في القرآن الكريم والسنة النبوية تصل أسماء الله تعالى إلى مائة وستة وأربعين اسماً ذكرها مع شرح موجز لكل اسم ، وأضاف إليها ثلاثين اسماً آخر ذكره في كتابه ( الأمد ) ولكنه قال :  إن أسماء الله الحسنى التي طلب الدعاء بها تسعة وتسعون اسماً كما في الحديث الصحيح ، حيث إن على الداعي أن يدعو بكل هذه الأسماء والصفات رجاء أن يصيب تلك الأسماء حيث قال : ( فإنها ـ أي أسماء الله الحسنى ـ مخبوءة فيهما ـ أي القرآن والسنة ـ كما خبئت ساعة الجمعة في اليوم ، وليلة القدر في الشهر ... وكذلك أخفيت هذه الأسماء المتعددة في جملة الأسماء الكلية ، لندعوه بجميعها ، فتصيب العدد الموعود به فيها ..... )[47] .
 
ما ذكره النورسي حول اسم " العدل " لله تعالى :
فقد أولى الإمام النورسي عناية قصوى بالعدل وأهميته وآثاره ، وتجلياته ، نذكر منها بعضها :
1ـ فقد أولى في خاتمة اللمعة الثلاثين ، أن العدل من أسماء الله الحسنى الأعظم عند الإمام علي رضي الله عنه وعند الإمام أبي حنيفة حيث يقول : (ان الاسم الاعظم ليس واحداً لكل أحد، بل يختلف ويتباين، فمثلاً: لدى الامام علي رضي الله عنه هو ستة اسماء حسنى هي: فردٌ، حيٌ، قيومٌ، حكمٌ، عدلٌ، قدوسٌ.. ولدى أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه اسمان هما: حَكَمٌ عدلٌ.. ولدى الشيخ الكيلاني قُدس سره هو اسم واحد: يا حيّ.. ولدى الامام الرباني (احمد الفاروقي السرهندي) رضي الله عنه هو: القيومُ.. وهكذا، فلدى الكثيرين من العظماء الافذاذ اسماء اخرى هي الأسم الاعظم عندهم )[48] .
 
2- وقال في النكتة الثالثة التي تخص إحدى نكات اسم الله تعالى : (لقد تراءت لي نكتة  لطيفةٌ من لطائف هذه الآية الكريمة، ونور من انوار تجليات اسم الله: "العدل" الذي هو اسم الله الاعظم، أو هو نور من أنواره الستة.
تراءى لي ذلك النور من بعيد - كما هو الحال في النكتة الاولى - وانا نزيل سجن "اسكي شهر" ولأجل تقريبه الى الافهام نسلك أيضاً طريق ضرب الامثال. فنقول:هذا الكون قصر بديع يضم مدينة واسعة تتداولها عوامل التخريب والتعمير، وفي تلك المدينة مملكة واسعة تغلي باستمرار من شدة مظاهر الحرب والهجرة، وبين جوانح تلك المملكة عالم عظيم يسبَح كل حين في خضم الموت والحياة.. ولكن على الرغم من كل مظاهر الاضطراب، فان موازنةً عامة وميزاناً حساساً، وعملية وزنٍ دقيق تسيطر في كل جوانب القصر ونواحي المدينة وتسود في كل ارجاء المملكة  واطراف العالم، وتهيمن عليها هيمنة، بحيث تدل بداهة: ان ما يحدث ضمن هذه الموجودات التي لا يحصرها العدّ من تحولات، وما يلجُ فيها وما يخرج منها لا يمكن أن يكون الاّ بعملية وزنٍ وكَيْلٍ، وميزان مَن يرى انحاء الوجود كلها في آن واحد، ومن تجري الموجوداتُ جميعُها أمامَ نظر مراقبته في كل حين... ذلكم الواحد الأحد سبحانه.
والاّ فلو كانت الاسباب الساعية الى اختلال التوزان، سائبة أو مفوضة الى المصادفة العشواء أو القوة العمياء أو الطبيعة المظلمة البلهاء، لكانت بويضات سمكةٍ واحدة التي تزيد على الالوف تخل بتلك الموزانة، بل بذيرات زهرةٍ واحدة - كالخشخاش - التي تزيد على العشرين ألف تخل بها، ناهيك عن تدفق العناصر الجارية كالسيل، والانقلابات الهائلة والتحولات الضخمة التي تحدث في ارجاء الكون.. كل منها لو كان سائباً لكان قميناً أن يخل بتلك الموزانة الدقيقة المنصوبة بين الموجودات، ويفسد التوزان الكامل بين اجزاء الكائنات خلال سنة واحدة، بل خلال يوم واحد ، ولكنت ترى العالم وقد حلّ فيه الهرجُ والمرج وتعرّض للاضطرابات والفساد..  فالبحار تمتلئ بالانقاض والجثث، وتتعفن ، والهواء يتسمم بالغازات المضرة الخانقة، ويفسد ، والارض تصبح مزبلة ومسلخة، وتغدو مستنقعاً آسناً لا تطاق فيه الحياة.
فان شئت فأنعم النظر، في الموجودات كلها، ابتداء من حجيرات الجسم الى الكريات الحمراء والبيضاء في الدم، ومن تحولات الذرات الى التناسب والانسجام بين اجهزة الجسم، ومن واردات البحار ومصاريفها الى موارد المياه الجوفية وصرفياتها، ومن تولدات الحيوانات والنباتات ووفياتها الى تخريبات الخريف وتعميرات الربيع، ومن وظائف العناصر وحركات النجوم الى تبدل الموت والحياة، ومن تصادم النور والظلام الى تعارض الحرارة والبرودة.. وما شابهها من أمور، كي ترى ان الكل:  يوزَن ويُقدَّر بميزان خارق الحساسية، وان الجميع يُكتال بمكيال غاية في الدقة، بحيث يعجز عقلُ الانسان ان يرى اسرافاً حقيقياً في مكان وعبثاً في جزء.. بل يلمس علمُ الانسان ويشاهد اكملَ نظامٍ واتقنَه في كل شئ فيحاول أن يُريَه، ويرى اروَع توازنٍ وابدعه في كل موجود فيسعى لإبرازه.
فما العلوم التي توصَّل اليها الانسان الاّ ترجمة لذلك النظام البديع وتعبير عن ذلك التوازن الرائع.
فتأمل في الموازنة الرائعة بين الشمس والكواكب السيارة الاثنتى عشرة التي كل منها مختلفة عن الاخرى، الا تدل هذه الموازنة دلالة واضحة وضوح الشمس نفسها على الله سبحانه الذي هو "العدل القدير"؟ )[49] .
هذا هو العدل القدير ، وآثار عدله وتقديره ، وهكذا الأمر لو طبقنا هذه المعايير على حركات الأرض ( السفينة الجارية السابحة في الفضاء ) وفيما يحدث فيها من ( ولادات ووفيات النباتات والحيوانات ، وإعاشتهما ، وحياتهما على الأرض التي يزيد عدد أنوعها على الأربعمائة ألف نوع ، ترى موزانة رائعة ذات رحمة تدل دلالة قاطعة على الخالق العادل الرحيم جل جلاله ، كدلالة الضياء على الشمس )[50] .
ثم ختم الشيخ النكتة بقوله : ( وان العدالة العامة الجارية في الكون النابعة من التجلي الاعظم لاسم "العدل" انما تدير موازنة عموم الاشياء، وتأمر البشرية باقامة العدل.
وان ذكر الميزان اربع مرات في "سورة الرحمن" اشارة الى اربعة انواع من الموازين في اربع مراتب وبيان لأهمية الميزان البالغة ولقيمته العظمى في الكون. وذلك في قوله تعالى: (والسماء رفَعها وَوَضَع الميزان_ الاَّ تَطْغَوا في الميزان_ وَاقِيمُوا الوزْنَ بالقِسْطِ ولا تُخْسِروا الميزانَ)[51]  نعم فكما لا اسراف في شئ، فلا ظلم كذلك ظلماً حقيقياً في شئ، ولا بخسَ في الميزان قط، بل ان التطهير والطهر الصادر من التجلي الاعظم لاسم "القدوس" يعرض  الموجودات بأبهى صورتها وابدع زينتها، فلا ترى ثمة قذارة في موجود، ولا تجد قبحاً اصيلاً في شئ ما لم تمسّه يد البشر الوسخة.
فاعلم من هذا ان "العدالة والاقتصاد والطهر" التي هي من حقائق القرآن ودساتير الاسلام، ما أشدها ايغالاً في اعماق الحياة الاجتماعية، وما اشدها عراقة واصالة. وأدرك من هذا مدى قوة ارتباط احكام القرآن بالكون، وكيف انها مدّت جذوراً عميقة في اغوار الكون فأحاطته بعرىً وثيقة لا انفصام لها. ثم افهم منها ان افساد تلك الحقائق ممتنعٌ كامتناع افساد نظام الكون والاخلال به وتشويه صورته.
ومثلما تستلزم هذه الحقائق المحيطة بالكون، وهذه الانوار العظيمة الثلاثة (العدالة والاقتصاد والطهر) الحشرَ والآخرة فهناك حقائق محيطة معها: كالرحمة والعناية والرقابة، وامثالها مئات من الحقائق المحيطة والانوار العظيمة تستلزم الحشر وتقتضي الحياة الآخرة، اذ هل يمكن ان تنقلب مثل هذه الحقائق المهيمنة على الموجودات والمحيطة بالكون الى اضدادها بعدم مجئ الحشر وبعدم اقامة الآخرة، أي ان تنقلب الرحمةُ الى ضدها وهو الظلم، وتنقلب الحكمةُ او الاقتصاد الى ضدهما وهو العبث والاسراف، وينقلب الطُهر الى ضده وهو العبث والفساد. حاشَ لله..
ان الرحمة الإلهية، والحكمة الربانية اللتين تحافظان على حق حياة بعوضةٍ ضعيفة محافظةً تتسم بالرحمة الواسعة، لا يمكن ان تضيّعا - بعدم اقامة الحشر - حقوق جميع ذوي الشعور غير المحدودين وتهضما حقوقاً غير متناهية لموجودات غير محصورة..
وان عظمة الربوبية التي تُظهر دقة متناهية وحساسية فائقة - اذا جاز التعبير - في الرحمة والشفقة والعدالة والحكمة، وكذا الالوهية الباسطة سلطانها على الوجود كله والتي تريد اظهار كمالاتها وتعريف نفسها وتحبيبها بتزييناتها الكائنات ببدائع صنائعها وبما أسبغت عليها من نِعَمٍ هل يمكن ان تسمح - هذه الربوبية العظيمة والالوهية الجليلة - بعدم اقامة الحشر الذي يسبب الحطّ من قيمة جميع كمالاتها ومن قيمة مخلوقاتها قاطبة؟)[52] .
 
3 ـ ويقول أيضاً : ( ثم انظر من خلف التجلي الأعظم لأسم (الحكم) الى التجلي الاعظم لاسم (العدل) - كما اوضحناه في النكتة الثانية - ترَه يدير جميع الكائنات بموجوداتها ضمن فعالية دائمة بموازينه الدقيقة ومقاييسه الحساسة ومكاييله العادلة بحيث يجعل العقول في حيرة واعجاب، فلو فقد نجمٌ من الأجرام السماوية توازنه لثانية واحدة. أي اذا انفلت من تجلي اسم (العدل) لحلِّ الهرجُ والمرج في النجوم كلها ولأدّى - لامحالة - الى حدوث القيامة.
فانظر الآن من خلف التجلي الاعظم لاسم الله ( العدل) ومن خلاله، وشاهد التجلي الاعظم لاسم الله (القدوس) - الذي وضحناه في النكتة الاولى - تَرَ : ان هذا التجلي الاعظم لاسم (القدوس) قد جعل موجودات الكائنات نظيفة، نقية طاهرة، براقة، صافية، زكية، مزينة، وجميلة وحوّلها الى ما يشبه مرايا جميلة مجلوة لائقة لاظهار الجمال البديع المطلق،  وتناسب عرض تجليات اسمائه الحسنى )[53] .
 
4 ـ ويقول في الشعاع الحادي عشر : ( ثم اننا نرى ان وظائف المخلوقات تنسج على منوال الحكمة وتكال بميزان العدل. وهما من الدقة والحساسية لايتصور الانسان أفضل منهما.. فترى الحكمة الازلية قد وهبت للانسان قوة حافظة - كحبة الخردل حجما - وكتبت فيها تفاصيل حياته وما يمسه من احداث لا تعد، وكأنها مكتبة وثائقية مصغرة جداً، ووضعتها في زاوية من دماغه، لتذكره دوماً بيوم الحساب، يوم تنشر مافيها من صحائف الاعمال.
وترى العدالة المطلقة تضع كل عضو من الكائن الحي في موضعه اللائق به، وتنسقه بموازين دقيقة حساسة - ابتداء من ميكروب صغير الى كركدن ضخم، ومن نحل ضعيف الى نسر مهيب، ومن زهرة لطيفة الى ربيع زاهٍ بملايين من الازهار.. وتراها تمنح كل عضو تناسقا لاعبث فيه، وموازنة لانقص فيها، وانتظاماً لاترى فيه الا الابداع، كل ذلك ضمن جمال زاهر وحسن باهر حتى تغدو المخلوقات نماذج مجسمة للابداع والاتقان والجمال.. فضلا عن انها تهب لكل ذي حياة حق الحياة؛ فتيسر له سبل الحياة، وتنصب له موازين عدالة فائقة؛ فجزاء الحسنة حسنة مثلها، وجزاء السيئة سيـئة مثلها.. وفي الوقت نفسه تُشعر قوتها وسرمديتها، بما تنزل من عذاب مدمر على الطغاة والظالمين منذ عهد آدم عليه السلام. فكما لاتكون الشمس دون نهار، فتلك الحكمة الازلية، وتلك العدالة السرمدية لن تتحققا تحققاً كلياً الا بحياة اخرى خالدة لذا لن ترضيا ابداً ولن تساعدا بحال من الاحوال على نهاية لاعدالة فيها ولاحكمة ولا احقاق حق، تلك هي الموت الذي لابعث بعده، والذي يتساوى فيه الظالمون العتاة مع المظلومين البائسين ! فلابد اذن ان تكون وراءه حياة اخرى خالدة كي تستكمل الحكمة والعدالة حقيقتهما.
وبهذا يجيبنا - اجابة قاطعة - اسم الله "الحكيم" و "الحكم" و "العدل" و "العادل" من الاسماء الحسنى عن سؤالنا حول الآخرة )[54] .
 
5 – وقد ذكر في كتابه القيم ( إشارات الإعجاز في مظان الايجاز ) : (ان المقاصد الاساسية من القرآن وعناصره الاصلية اربعة: التوحيد والنبوة والحشر والعدالة )[55] حيث أوضح أن القرآن الكريم جاء للاجابة عن المسائل التي تدور هذه الأصول الأربعة ، ولبيان ما يتعلق بها ، ثم يقول : (فكما تتراءى هذه المقاصد الاربعة في كله ـ أي القرآن الكريم ـ ، كذلك قد تتجلى في سورةٍ سورة، بل قد يُلْمَح بها في كلامٍ كلام ) ثم يضيف قائلاً : (  إن قلت: ارني هذه المقاصد الاربعة في "بسم الله" وفي "الحمد لله" ؟ قلت: لما اُنزل (بسم الله) لتعليم العباد كان "قُلْ" مقدَّراً فيه. وهو الأُمّ في تقدير الاقوال القرآنية . فعلى هذا يكون في "قل" اشارة الى الرسالة.. وفي (بسم الله) رمز الى الالوهية.. وفي تقديم الباء تلويحٌ الى التوحيد .. وفي (الرحمن) تلميحٌ الى نظام العدالة والاحسان.. وفي (الرحيم) ايماء الى الحشر.
وكذلك في (الحمد لله) اشارةٌ الى الالوهية.. وفي لام الاختصاص رمزٌ الى التوحيد.. وفي (رب العالمين) ايماء الى العدالة والنبوة ايضا؛ لان بالرسل تربيةُ نوع البشر.. وفي (مالك يوم الدين) تصريح بالحشر..... ) حيث شرح له هذه المقاصد في هاتين الكلمتين المباركتين[56].
ومضى في هذا الكتاب القيم ، حيث فسر الصراط المستقيم بالصراط الوسط ، وهو العدل     ـ أي الصراط ـ بين مربتة النقصان ، وهي التفريط والزيادة وهي الافراط .
 
6 ـ ويقول في حاجة البشرية إلى العدالة المطلقة إلى رسالة سماوية ربانية منزلة  من الحكيم الخبير مالك الملك ، وخالق الخلق جميعاً ، وذلك لأن العقل البشري مهما حاول لا يمكن أن يتجرد عن أنانيته ومحيطه ، حيث يقول في تقرير ذلك : (ثم لانهماك القوى ـ الشهوانية والقطبية ، والعقلية ـ  وتجاوزها - بسر عدم التحديد - تحتاج الجماعة الى العدالة في تبادل ثمرات السعي.. ثم لأن عقل كل احد لايكفي في درك العدالة احتاج النوع الى عقل كلي للعدالة يستفيد منه عقل العموم. وما ذلك العقل الاّ قانون كليّ، وما هو إلاّ الشريعة )[57] .
 
7 – وقد أجاب أيضاً عن سؤال عقلي ، وجدل فلسفي قديم وجديد مفاده : ( ان معصية الكفر كانت في زمان قليل والجزاء أبديّ غير متناه فكيف ينطبق هذا الجزاء على العدالة الالهية؟ وإنْ سُلِّم، فكيف يوافق الحكمة الأزلية؟ وان سُلِّم، فكيف تساعده المرحمة الربانية؟
قيل لك: مع تسليم عدم تناهي الجزاء، ان الكفر في زمان متناهٍ جناية غير متناهية بست جهات:  منها: ان من مات على الكفر لو بقي أبدا لكان كافراً أبداً لفساد جوهر روحه، فهذا القلب الفاسد استعد لجناية غير متناهية.
ومنها: ان الكفر وان كان في زمان متناه لكنه جناية على غير المتناهي، وتكذيب لغير المتناهي أعني عموم الكائنات التي تشهد على الوحدانية.
ومنها: ان الكفر كفرانٌ لنعمٍ غير متناهية.
ومنها: ان الكفر جناية في مقابلة الغير المتناهي وهو الذات والصفات الالهية.
ومنها: ان وجدان البشر - بسر حديث (لاَ يَسَعُني اَرْضِي وَلا سَمائي)[58] - وان كان في الظاهر والملك محصوراً ومتناهياً لكن ملكوتيته بالحقيقة نشرت ومدت عروقها الى الأبد. فهو من هذه الجهة كغير المتناهي وبالكفر تلوث واضمحل.
 
ومنها: ان الضد وان كان معانداً لضده لكنه مماثل له في أكثر الأحكام. فكما ان الايمان يثمر اللذائذ الأبدية، كذلك من شأن الكفر ان يتولد منه الآلام الأبدية.
فمن مزج هذه الجهات الست يستنتج ان الجزاء الغير المتناهي انما هو في مقابلة الجناية الغير المتناهية وما هو إلاّ عين العدالة.
ان قلت: طابق العدالةـ أي أن الجزاء الأبدي للكافر طابق للعدالة ـ  لكن اين الحكمة الغنية عن وجود الشرور المنتجة للعذاب؟
قيل لك: كما قد سمعت مرة أخرى انه لايُترك الخير الكثير لتخلل الشر القليل لأنه شر كثير. اذ لما اقتضت الحكمة الالهية تظاهر ثبوت الحقائق النسبية التي هي أزيد بدرجات من الحقائق الحقيقية - ولا يمكن هذا التظاهر الا بوجود الشر؛ ولا يمكن توقيف الشر على حدّه ومنع طغيانه الا بالترهيب؛ ولا يمكن تأثير الترهيب حقيقة في الوجدان الا بتصديق الترهيب وتحقيقه بوجود عذاب خارجي؛ اذ الوجدان لا يتأثر حق التأثر -كالعقل والوهم - بالترهيب الا بعد ان يتحدس بالحقيقة الخارجية الأبدية بتفاريق الامارات - فمن عين الحكمة بعد التخويف من النار في الدنيا وجود النار في الآخرة.
ان قلت: قد وافق الحكمة فما جهة المرحمة فيه؟
قلت: لا يتصور في حقهم إلاّ العدم أو الوجود في العذاب، والوجود - ولو في جهنم - مرحمةٌ وخيرٌ بالنسبة الى العدم إن تأملت في وجدانك؛ اذ العدم شر محض، حتى ان العدم مرجع كل المصائب والمعاصي ان تفكرت في تحليلها. واما الوجود فخير محض فليكن في جهنم.. وكذا ان من شأن فطرة الروح - اذا علم ان العذاب جزاء مزيل لجنايته وعصيانه - ان يرضى به لتخفيف حمل خجالة الجناية ويقول: هو حق، وانا مستحق. بل حباً للعدالة قد يلتذ معنى! وكم من صاحب ناموس في الدنيا يشتاق الى اجراء الحد على نفسه ليزول عنه حجاب خجالة الجناية. وكذا ان الدخول وان كان الى خلود دائم وجهنم بيتهم أبدا، لكن بعد مرور جزاء العمل دون الاستحقاق يحصل لهم نوع اُلفة وتطبّع مع تخفيفات كثيرة مكافأةً لأعمالهم الخيرية. اشارت اليها الأحاديث. فهذا مرحمة لهم مع عدم لياقتهم )[59] .
الدلالات والمضامين المأخوذة من النقولات السابقة :
من خلال هذا السرد الموجز لما ذكره الإمام النورسي حول العدل وآثاره ، وإشعاعاته يتبين لنا ما يأتي :
 
أولاً ـ إننا نرى في هذه الكلمات النيرات عمق التفكير لدى الإمام النورسي ، والفهم الدقيق الذي تجسد في أفكار جديدة ، ومعان بديعة تناغمت من خلال لآلئ رائعة ، كعقد الدرر ، ولآلئ العقد ازدانت جمالاً من خلال الربط العميق بين العدل والقدير ، وبين العدل والخلق والرحمة ، وبين الاقتصاد ( التوسط ) والطهر والعدالة ، وازداد جمالاً أكثر بربط كل ذلك بالميزان الذي وسّع دائرة معانيه لتشمل المعقولات والمحسوسات ، ثم لا يكتفي بهذا الربط الجميل وإنما يربط العدل بالحشر والقيامة .
إنها فعلاً إشعاعات قرآنية ، وتوفيقات ربانية .
 
ثانياً ـ إن ما ذكره الإمام النورسي في مقدمة كتابه ( إشارات الإعجاز في مظان الايجاز ) من مقاصد القرآن الأربعة ( التوحيد ، والنبوة ، والحشر ، والعدالة ) يعتبر إحياءً لفكرة المقاصد في عصره التي ذكرها بإيجاز إمام الحرمين ، ثم أوضحها الإمام الغزالي ، والعزّ بن عبدالسلام ، ثم جاء الشاطبي فأصلها من خلال كتابه المهم ( الموافقات ) غير أن الإمام النورسي سار في المقاصد منحى آخر ، وهو أن الأئمة السابقين ذكروا مقاصد الشريعة وحصروها في المقاصد الثلاثة : الضروريات ، والحاجيات ، والتحسينيات ، في حين أن الإمام النورسي يذكر مقاصد القرآن الكريم ويحصرها في أصول أربعة وهي : التوحيد ، والنبوة ، والحشر ، والعدالة ، وهي أصول جامعة أيضاً ، تشمل كل ما جاء في الشريعة الغراء ، وذلك لما يأتي :
أ ـ ان هذين الأصلين اللذين ذكرهما ( التوحيد والنبوة ) يتضمنان كل ما يتعلق بالعقيدة الاسلامية ، والشريعة المنزلة على الأنبياء ، وما أمرت به من العبادة لله تعالى وتنظيم العلاقة بين الانسان وأخيه الانسان ، وبينه وبين الكون كله ، فالتوحيد في نظر الشيخ نوعان:
أحدهما : الايمان بوحدانية الله تعالى في الألوهية والربوبية ، في الخلق والحكم والأمر والتقدير ، وهو التوحيد الظاهري ، وهو أن الله واحد لا شريك له ، ولا مثيل ، وأن هذا الكون كله ملك له .
ثانيهما : قراءة الموجودات والمخلوقات قراءة دقيقة حتى تصل إلى ختم التوحيد ، والطغراء الموجودة على على كل ذرة من ذراة هذا الكون .
وهذا هو التوحيد الحقيقي حيث يشرحه بقول : ( وهو الايمان بيقين أقرب إلى الشهود بوحدانيته ، وبصدور كل شيء من يد قدرته ، وبانه لا شريك له في ألوهيته ، ولا معين له في ربوبيته ، ولا يذّله في ملكه ايماناً يهب لصاحبه الاطمئنان الدائم وسكينة القلب ، لرؤيته آية قدرته ، ختم ربوبيته ونقش قلمه على كل شيء ، فينفتح شباك نافذ من كل شيء إلى نوره سبحانه )[60] .
ثم شرح دقائق هذا الايمان من خلال النظر في الكون وقراءته قراءة عميقة يكشف عنها غطاء الأسباب ، وترفع عنها ستائر الأقدار وحجبه للخوض مباشرة في عالم قدرة الله تعالى وتوحيده وجلاله وجماله وحكمته وإبداعه ، فذكر بعض الأمثلة الجميلة ، مثل التأمل في بستان هذه الكائنات بإمعان ، والنظر في السماء المتلألئة بالنجوم والكواكب والشموس ، والأرض المخضرة الجميلة بما فيها من أسرار ومخلوقات ملونة زاهية ، وسيارات سابحة في الفضاء ثم أرجع البصر كرتين ، والفكر مرات لوصلت بل رأيت على كل كائن أختاماً كثيرة وضعها الحيّ القيوم الفرد الصمد الحكيم العدل ، تدل على القدرة والوحدانية ، والحكمة والعدل ، حيث قال : ( إن كل ذرة تشهد بلسان عجزها على وجود القدير المطلق ، وتشهد بإظهارها الانسجام التام مع نظام الكون العام الدال على وحدانية الخالق سبحانه وتعالى ، نعم ففي كل حيّ هناك آيتان : إحداهما آية الأحدية ، والأخرى آية الصمدية )[61] .
 
ب ـ ان مقصد " الحشر " الايمان باليوم الآخر يفهم منه مقصد التزكية ، أي تزكية النفس من خلال الخوف من العقاب والجزاء والنار ، والرغبة في الثواب والجنة ، فمن كان يؤمن باليوم الآخر ( من النشر والحشر والحساب والصراط والجنة والنار... ) يسعى لأن تكون له حياة كريمة في الآخرة ، وذلك عن طريق إرضاء مالك الدين ، وأن ارضاءه لن يتحقق إلاّ من خلال الالتزام بجميع أوامره ونواهيه ، وبالأخلاق والقيم والتزكية .
فالايمان بالحشر واليوم الآخر يجعل الانسان دائماً على خوف واستشعار ومراقبة وبالتالي يجعله صالحاً عابداً لله تعالى ، ممتنعاً عن جميع النواهي ، والفواحش والفساد ، كما حدث لسيدنا يوسف عليه اللام حينما تزينت المرأة صاحبة الجاه والجمال ( وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ) فكان جوابه : ( مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)[62] .
ج ـ ان مقصد " العدل " يحقق مقصد الاستخلاف والاستعمار ـ أي طلب تعمير الأرض ـ الذي جعله الله رسالة هذا الانسان ، تلكم الرسالة التي كلفها الله تعالى بأدائها ، وذلك لأن العدل يشمل كل جوانب الحياة ، وهذا هو الأساس في التعمير والبناء ، وهذا ما شرحه في الحقيقة الثالثة حيث ربط بين العدل والحكمة ، وان قاعدة الثواب للمحسن ، والعقاب للمسيء تمثل قمة العدل ، كما ربط بين العدل ، والميزان الذي يقتضي إعطاء كل ذي حق حقه ، كما أنه ذكر : (فمن مقتضى العدل والحكمة ان تُرسل ايضاً الذرات الارضية التي رافقت تلك الثمرات والمعاني وخَدَمَتها مع انقاض هذه الدنيا التي ستدمّر الى العالم الاخروي وتستعمل في بنائه. وذلك بعد تكاملها تكاملاً يخصّها من حيث الوظيفة، اي بعد أن نالت نور الحياة كثيراً وخدمَتها، واصبحت وسيلة لتسبيحات حياتية من هذه الحقيقة ينكشف طرف من قانون عظيم هو : (قانون العدل) .
فإذا شئت ـ في ضوء هذا المثال ـ أن ترى تجلي اسم الله " الحق "و" الرحمن " و" الرحيم" ضمن نطاق العدل ولاحكمة ، فسرّح نظرك في الربيع إلى تلك الخيام المنصوبة على بساط الأرض لأربعمائة ألف من الأمم المتنوعة الذين يمثلون جيش النباتات والحيوانات ، أنعم النظر فيها تجد أن جميع تلك الأمم والطوائف مع أنها متداخلة ، وألسنتهم مختلفة ، وأرزاقهم متفاوتة ، وأسلحتهم متنوعة ، وطرق معيشتهم متباينة ، وتدريباتهم وتعليماتهم متغايرة .... مع كل هذا فإن كلاً منه اتدار ، وتربى وتراعى باسم " الحق " و " الرحمن " و " الرزاق" و " الرحيم " و "الكريم " دون التباس ، ولا نسيان ضمن نطاق " الحكمة " و " العدل " بميزان دقيق وانتظام فائق ، فشاهد هذا التجلي وتأمل فيه : فهل يمكن أن يتدخل أحد غير الله سبحانه وتعالى في هذا العمل الذي يدار بمثل هذا النظام البديع والميزان الدقيق ؟ )[63] .
 
ثالثاً ـ تنزيل العدل على المجتمع ، من خلال التركيز على العدالة في التوزيع ، والعدالة الاجتماعية ، فقال في الصورة الثالثة للحقيقة الثالثة : (  انظر كيف تنجز الأعمال هنا بحكمة فائقة ، وتأمل كيف ينظر إلى المعاملات بمنظار عدالة حقة ، وميزان صائب ، ومن المعلوم أن حكمة الحكومة وفطنتها هي اللطف بالذين يحتمون بحماها وتكريمهم ، والعدالة المحضة تتطلب رعاية حقوق الرعية لتصان هيبة الحكومة ، وعظمة الدولة ..... )[64] .
 
العدالة الاجتماعية في رسائل النورسي :
 
إن الإمام النورسي رحمه الله لم يخصص العدالة الاجتماعية بالبحث والتحليل ، وإنما أولى عنايته بالعدل وآثاره ـ كما رأينا ـ ولكن هذا لا يعني أن هذا الموضوع كان خارج اهتمامات الإمام ، بل كان له عناية به من خلال العدل ، ولا سيما أنه كان مشغولاً بإرساء الكليات الايمانية ، ومتصدياً للحفاظ على العقيدة الصحيحة التي ان تحقق الحفاظ عليها فيمكن تحقيق جميع الآثار والمسائل الفرعية الأخرى ، ولذلك حينما سئل : هل أنت تعني الحفاظ على الصوفية ؟ أجاب قائلاً : بان همي الوحيد الآن هو الحفاظ على الايمان أولاً ، ثم الحفاظ على الباقي .
ومع ذلك فإننا نجد منهجية واضحة للنورسي ، وإشارات طيبة ، وكلمات نورانية متناثرة لوجمعت لتكونت منها فكرة طيبة عن العدالة الاجتماعية على ضوء ما يأتي :
1ـ ان منهج الإمام النورسي هو ربط أسماء الله الحسنى بمعانيها وآثارها في الخلق والكون ، وأن الحكمة من ذكرها هو الاستفادة منها ، فالمؤمن حينما يؤمن بأن الله رحمان رحيم ، فهذا يعني أمرين أساسين :
الأمر الأول : الايمان بهذه الرحمة الواسعة لله تعالى .
الأمر الثاني : هو تحقيق هذه الرحمة في قلب المؤمن ، وتجسيدها في معاملاته وتصرفاته كلها ، فيكون رحيماً .
ومن هنا يمكن التوسع في دائرة تأثير العدل على المؤمن في تصرفاته مع الآخرين في كل ما تقتضيه العدالة المطلقة الشاملة للعدالة الاجتماعية ، وغيرها .
2 ـ وقد أوردنا في السابق أن النورسي نص على أن : (حكمة الحكومة وفطنتها هي اللطف بالذين يحتمون بحماها وتكريمهم ، والعادلة المحضة تتطلب رعاية حقوق الرعية ) .
3 ـ ان مما يستنبط مما ذكره النورسي في كليات رسائله ، هو أن  الاسلام يقوم على التوازن في كل شيء ، والتعاون بين ذرات الوجود على أساس العدل والحكمة ، والرحمة ، والتوحيد ، فعلى ضوء ذلك فلا يمكن أن يقوم المجتمع الاسلامي الذي ينشده على أساس الصراع الطبقي بين العمال والرأسماليين كما فعلت الماركسية ، أو على أساس المنفعة واللذة واحتدام المنافسة كما هو الحال في الرأسمالية[65] .
وقد أكد على هذا المعنى بقوله : ( فدستور الحياة هو التعاون دون الجدال ... نعم تجاوب أعضاء الكائنات بشمسها وقمرها لمنفعة الحيوانات ...، دليل قاطع ساطع على أن الدستور العام هو التعاون )[66] .
4 ـ مما ذكره النورسي في رسائله هو العدالة في الميراث حيث إن الرجل إذا أخذ حظاً زائداً فلأنه سينفق قسطاً على زوجته ، وبذلك تحصل المساواة ، ويكون الرجل مساوياً لأخته ، وهكذا تقتضي العدالة القرآنية[67] .
5 ـ ومما ذكره الإمام النورسي في إعادة التوزيع ( حسب مصطلع الاقتصاديين ) هو تفسيره الرائع للآيات التي تتحدث عن الزكاة وأهميتها ، وعن خطورة الربا ومفاسده .
6 ـ محاربة الاستغلال ، حيث إنها ظاهرة في رسائل النور حيث حاربت الاستغلال بشتى صوره وطرقه ، كما أنها حذرت من صراع الطبقات فقالت : ( وتباعدت طبقات الخواص عن العوام بدرجة لا صلة بينها ، ولا يفوز من الطبقة السفلى إلى العليا إلا صدى الاختلال وصياح الجسد ، وأنين الحقد والنفرة )[68] .
 
الخلاصة :
أن الإمام النورسي " رحمه الله " أشغلته هموم الأمة ، وعنايته القصوى بالكليات الايمانية عن الخوض في بعض التنفصيلات الخاصة بالعدالة الاجتماعية وعدالة التوزيع ، ومع ذلك فقد وجدنا في ثنايا رسائله المباركة ، وفي طيّ كلماته النيرات ما يمكن أن يشكل قاعدة جيدة لمبدأ العدالة الاجتماعية .
 
هذا والله الموفق
وهو الهادي إلى سواء السبيل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://coming.yoo7.com
 
العدل في القرأن الكريم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مفهوم العدل العدل في الاسلام
» العدل
» العدل في الإسلام
» من صور العدل في الإسلام
» قصة معبرة : العدل الالهي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات العداله الالهيه :: الفئة الأولى الاسلام قادم :: العدل-
انتقل الى: